سيدة بلا عنوان…3 /روعة محسن الدندن/سوريا

0 55

منذ الصغر وأنا أعشق خطوط الزمن على وجه كبار السن
كأنها تحكي لي تاريخا أجهله عن معاناتهم وربما لأنني كنت أشعر بأنهم يشبهونا
يحملون قلوبا أكثر عطفا وحنانا ويحزنون كالأطفال ولديهم الحكمة التي نحتاجها في بداية عمرنا
ومع ذلك لم أتمنى يوما أن أقف يوما أمام مرآتي لأشاهد تلك الخطوط
كانت تحدثني كثيرا تلك السيدة عن حياتها وعن معاناتها في الفقر وزواجها المبكر
بعض القصص كانت تشعرني بالدفء من خلال بساطتها وبعضها تشعرني بالحزن لأنها كانت تذرف الدموع وهي تحدثني
كنت أجهل تلك الأمثال الشعبية التي ترددها النساء
وكلما سمعت منها مثلا شعبيا أضحك وأقول من أين تأتي بهذه الكلمات وبعض الأمثلة كانت تغضبني لأنها تكون موجهة لي
لم يخلُ الامر من بعض المناحرات لي وبما أنني من بيئة بعيدة عن بيئتهم فإن أفكاري كانت غريبة بالنسبة للبعض
والبعض كان يساند أفكاري أو ربما كنت نموذجا مختلفا عنهم من كوكب آخر
في يوم من الأيام كنت وحيدة بالمنزل مع ابني الصغير
وقطع التيار الكهربائي ليلا ولم أتمكن من الخروج لشراء شمعة أو أشعل فانوسا وكان القمر بدرا في السماء وضوءه يصل إلى تلك الشرفة
فأحضرت كرسيا وجلست في الشرفة وأنا انظر لجمال القمر وأسمع صوت المارة
وعندما دخلت تلك السيدة وهي تحمل شمعة معها
فوجدتي أجلس وحدي في البيت وكله ظلام
فقالت لي بدهشة :كيف تجلسين في الظلام لوحدك
ألا تخافي؟
فأجبتها :ولما الخوف! !!!!
البيت أعرفه جيدا وأستطيع أن أتجول به وأنا مغمضة العينين
فقالت :ولو ظهر لك جني ألا تخافي
فضحكت من جوابها وأجبت
يا حجة جني يخرج لي هذه كلها خرافات وأنا لا أصدقها
فجلست وبدأت تحدثني عن منزل سكنت به وفيه أرواح شريرة
وكيف يخروج ويرعبونها مع أولادها ويأكلون ويشربون
وأنهم يريدون الزواج من أولادها
جنيات جميلات تحب الإنس
وكنت في تلك الفترة من عشاق قصص الخيال العلمي وأفلام الرعب وبعض أفلام الأكشن
وكانت تحاول أن تنصحني بعدم الدخول للحمام بدون أن أقول البسملة وقراءة المعوذتين لأنهم يسكنون بالحمامات وعدم سكب الماء الساخن وعدم الإستحمام ليلا ووووووو
وذكرت أشياء كثيرة وكأنني أشاهد فيلما من أفلام الرعب
وبعد انتهاءها من الحديث قلت لها
من سكن الله في قلبه لا يخاف ولا يخشى سواه
ومن حماه الله لا يقترب منه أحد
وتذكرت والدتي عندما كنا صغارا وتريدنا أن ننام فتقول لنا مرة
جاء البعبع…. ومرة تقول أتت ضبعة السما
وكنا نخاف دون معرفة شكل هذا البعبع أو من هي ضبعة السما
ومن أين يأتي الناس بهذه الأسماء أو كيف نعلم أن هذه الأسماء هي مرعبة؟




اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.